كانت بداية انتشار الخط العربي في عصر صدر الاسلام ومع بداية رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو بحق اول من عمل على نشر الخط العربي وتعليمه بين المسلمين واهتم ايضًا بتعليم النساء كما الرجال. وتنافس الكتاب في تجويد الخط وتحسينه لأن النبي كان يختار من يكتب رسائله للملوك من اجود الكُتاب خطًا في الكتابة.
اول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم كان أُبى بن كعب ومن كتابه كذلك كان على بن ابى طالب وعمر بن الخطاب وعثمان وخالد بن سعد وابان بن سعيد وابو سعيد بن العاص وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وزيد بن ثابت والعلاء بن الحضرمي ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم، فبلغ عدد كُتاب النبي 42 كاتب.
وقد عثر حتى الآن على ثلاث كتب من كتب النبي (صلى الله علية وسلم) هى:
انتشر الخط اكثر بعد بناء الكوفة في خلافة عمر بن الخطاب وتفنن الكوفيون فيه واحسنوا هندسة اشكاله حتى امتاز بشكله عن خط اهل الحجاز فأسموه بالكوفي، وقبل ذلك كان يعرف بالخط المكي او الحجازي وكتبت به مصاحف كان اولها مصحف الخليفة عثمان بن عفان فهو اول من رأى اثر تدوين القرآن في حفظه ونقله فجمعه في مصحف عُرف بالمصحف الإمام.
وكان هذا اول استخدام للكتابة العربية بأصولها التي احتفظت بالرسم النبطي في كثير من صور الكلمات وكتب بالخط المستدير وأمر عثمان رضي الله عنه بنسخه وتوزيعه في البلاد.
بانتشار الاسلام انتشر معه الخط العربي خارج شبه الجزيرة العربية عن طريق الغزوات والفتوحات وكان اول ظهور للكتابة العربية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحمل هذا الدين خطه ولغته للبلاد المفتوحة وساعد ذلك على انتشار الخط العربي وتفوقه على جميع الخطوط الاخرى كما في سوريا والعراق وفلسطين والتي كان بعضها افضل من الخط العربي واكثر كمالًا، فأصبح بدلًا عن الكتابة السريانية واليونانية وفي فارس محل الخط البهلوي وفي شمال افريقيا محل الكتابة عند البربر في ذلك الوقت وفي مصر فقد حل محل القبطية والرومانية.
تمركز الخط العربي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في المدن الرئيسية مثل مكة والمدينة والكوفة والبصرة بعدما كان في الحيرة والانبار في العصر الجاهلي، وسمي كل خط مدينة باسمها فأول الخطوط العربية هو الخط المكي ويتبعه المدني ثم البصري ثم الكوفي.
بدأ الابتكار في الخط العربي في خلافة علي بن ابي طالب في الكوفة ولكنه اكثر انتشارًا في المدن الأخرى فكان يكتب به على المحارب والمنابر وفي المصاحف والنقود لما بلغ من جودة وهندسة واتقان، فأصبح من مظاهر جمال الفنون العربية والإسلامية وتسابق الكتاب لتحسين حروفه والتفنن في زخرفتها.
كان للخط العربي في العصر الأموي تقدم واضح وملموس عن عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء، فظهرت مهنة الخطاط لأول مرة برغم ان الحروف كانت بلا نقط، وظهر عدد من الخطاطين الذين اشتهروا بجمال خطهم وعلى رأسهم قطبة المحرر الذي جمع بين الخطين الكوفي والحجازي في خط جديد سمي بالجليل، واستعمله قطبة ومن جاؤوا بعده في الكتابة على ابواب المساجد ومحاربها.
زين الخطاطون في العصر الأموي القصور والمساجد بخطوط جميلة وكتبوا بها ايضًا في دواوين وسجلات الدولة، فأصبحوا مميزين لددى الخلفء والامراء ويجالسونهم في مجالسهم ويستعينون بهم في كتابة دواوينهم، اما تلك الخطوط الحديثة فأصبحنا نراها الآن بعد اربعة عشر قرن تزين القباب والقصور والمساجد ليس في دمشق فقط وانما في الكثير من المدن البعيدة عنها ايضًا، ثم انحدر الخط الكوفي تدريجيًا ولم يعد يتسعمل الا على المساجد والمحاريب والمصاحف والقصور.
كتب الخطاطون في العصر الأموي في سجلات الدولة بخط الثلثين وسمي بخط (السجلات) لكثرة ما كتبوا به في السجلات، اما الخلفاء فكانوا يكتبون بالخط الشامي وخط الطومار.
اما اهم الخطاطين في هذا العصر، فقد كان لهم دورٌ مهم في النهوض بالخط كحركة فنية وهم:
ثم اشتهر ايضًا خطاطون آخرون في الاماكن البعيدة عن مركز الخلافة:
ازدهر الخط العربي ونهض بشكل كبير على يد خلفاء بني امية لمجاراة النهضة الشاملة للدولة الاسلامية.
بعدما كان للخطاطين في دمشق مكانة كبيرة جاء العباسيون محطمين عرش الخلافة الأموية، ونتيجةً لذلك انتقل الخطاطون والفنانون الى بغداد كونها مدينة الخلفاء العظام الرشيد والمنصور والمأمون، ورحل اليها ايضًا العلماء والأدباء ليصبحوا اقرب الى الخليفة والدولة وينالوا اجر ابداعهم من الامراء والخلفاء.
بينما كان العصر الأموي لبناء وتأسيس الدولة فإن العصر العباسي كان عصر الرخاء والازدهار لذا كان لابد من ازهار الفنون تباعًا وكل من لديه ملكة علمية او فنية.
اشتهر في هذا العصر الخطاط الضحاك بن عجلان في خلافة ابي العباس، وكذلك الخطاط اسحاق بن حماد في خلافتي المهدي والمنصور، حتى وصل الخط في عهدهما الى 11 نوعًا.
ظهر في عهد الضحاك واسحاق الكثير من اقلام الخطاطين وخطوطهم، فنضجت العلوم والفنون والمعارف في خلافتي الرشيد والمأمون، وتنافس الخطاطون في تجويد الخطوط حتى زادت على العشرين خط منها المطور ومنها المستحدث، فابتكر الخطاط ابراهيم الشجري – او السجزي – الثلث والثلثين، وقبل نهاية القرن الثالث جاء يوسف الشجري اخو ابراهيم واخترع خطًا سماه الخط المدور الكبير واعجب به الفضل بن سهل وزير المأمون كثيرًا فنشره وعممه على جميع الكتب السلطانية الصادرة عن دار الخلافة وسموه بعد ذلك الخط الرياسي، وانتشر لدى الناس باسم خط التوقيع.
بعد ذلك جاء أبو على محمد بن مقلة الوزير وقام بضبط الخط العربى، ووضع له مقاييس ونبغ فى خط الثلث حتى بلغ ذروته وضُرب به المثل.
كذلك قام بإحكام خط المحقق وتحرير واتقان خط الذهب، وميز خط المتن وابدع في خط الريحان وخط الرقاع، وانشأ كذلك خط النسخ ثم ادخله في دواوين الخلافة ثم ترك في الخط والقلم رسالته الهندسية.
عُرف في الأوساط الفنية كخطاط كما كان وزيرًا لثلاثة خلفاء وهم المقتدر والقاهر بالله والراضي بالله.
استمرت رياسة ابن مقلة للخط حتى القرن الخامس، ثم اشتهر بعده علي بن هلال المعروف بابن البواب حيث هذب طريقة ابن مقلة وانشأ مدرسةً للخط واخترع الخط الريحاني.
وصل عدد الخطوط في العصر العباسي لأكثر من ثمانين خط وذلك شاهد على تقدم الزخرفة والفن بجانب الخط، ظهر خط كذلك يدعى الخط المقرمط وهو خط ناعم جدًا فبدأ الخطاطون يستخدمونه ويتفننون في رسم المصحف في جميع صفحاته رغم صغر حجمه الذي قد يصل الى اصغر من ٦x ۸ سم.
قبل الفتح السلامي للأندلس – اسبانيا حاليًا – لم تكن ذات شأن ولم يتوفر فيها من الفنون ما يشجع الباحثين على السفر اليها للدراسة، فإذا بدأنا بمقارنة وضع الأندلس قبل وبعد الفتح الاسلامي سنجد الفرق كبيرًا جدًا، فسميت بالأندلس – بعدما كانت شبه جزيرة ايبيريا – واصبحت من علامات الجمال والذوق الفني، واصبحت اللغة العربية لغة العلوم والعصر حتى ان الأسبانيين تركوا لغتهم الأم واقبلوا على اللغة العربية بشغف وحرص على تعلمها لكونها لغة الثقافة العالمية آنذاك.
لثمانية قرون على التوالي كان الحرف العربي مثالًا للنهضة العلمية التي قام العرب في الأندلس والتي اصبحت نموذجًا للمجتمع الاسلامي المثالي ومن اراد ان يقتدي ويعمل بروح الاسلام.
ازدهرت اسواق الكتب في جميع مدن الأندلس وصار في كل مدينة سوقٌ لبيع الكتب، اما المخطوط العربي فكان تحفة من التحف التي زين بها الأثرياء قصورهم ومادة رئيسية لطلاب العلم في ذلك الوقت.
كان الخط العربي في العصر الفاطمي ذو شأنٍ كبير فقد كتبه المصريون على القباب والمآذن وفي الأروقة وقصور الخلفاء واضرحة العلماء، بل زينوا به واجهات الحمامات والمكتبات العامة وواجهات السجون والأماكن العامة ومضامير الخيل، وظهر خطان في مصر هما الخط الكوفي الفاطمي والخط الفاطمي، اكتاز كل منهما بهويته وطابعه الخاص الذي ميزهما عن جميع الخطوط الأخرى.
انتعشت مصر ثقافيًا خلال العصر الفاطمي وازدهرت صناعة الكتب وتجليده وزخرفته وتسويقه، بل ان في ذلك العصر اُخترع لأول مرة قلم الحبر السائل مع خزان الحبر الصغير والريشة، واعطاه مخترعه ابن صاعد الرحبي هدية للخليفة لكنه لم ينشره او يصنع منه اقلامًا اخرى ليبيعها للناس، نظرًا لكثرة انواع اقلام الخط دقيقة الصنع الموجودة بالفعل في ذلك الوقت والتي كانت تبلغ ريشتها جزء من عشرة من السنتيمتر الواحد وكتبوا بها مصاحف صغيرة جدًا للجيب.
امتدت فترة الخلافة الفاطمية اكثر من مئتي سنة وكان العصر الذهبي لها هو عصر المعز لدين الله الفاطمي وهو من كتب بقلم الحبر السائل.
بعد سقوط الدولة الفاطمية على يد الأيوبيين واستيلائهم على القاهرة انتشر خط الثلث، وسماه البعض بالخط الأيوبي، وزينوا به ابواب المدارس الأيوبية والمساجد الكبرى ودور القرآن، وبدأت الخطوط المستديرة تحل محل الخطوط الكوفية على الأبنية والقصور.
انتقل الخط للعثمانين وراثةً عن مدرسة تبريز والتي ازدهرت في الخط وفي صناعة الكتاب وبجميع ما يتعلق به كذلك من صناعة الورق والخط والزخرفة والتجليد والرسوم والتذهيب وغيرها. كان هذا التفوق الذي احرزوه بفضل استاتذتهم الإيرانيين واصبح العثمانيون مدرسة مستقلة مشهورة في خط الثلث واصبح الكثير من الخطاطين الاتراك معروفين حتى الآن بمصاحف كثيرة محفوظة في المتاحف التركية، وبالأخص في متحف الأوقاف في اسطنبول حيث اضافوا لهذا الخط زخرفة وتجليد انيقين.
ولكي يصل الخطاطون للعمل في العاصمة برواتب عالية كانوا يزينون المساجد بالخطوط الرائعة والزخارف الجميلة.
في اواخر الخلافة العثمانية برز الكثير من الخطاطين الذين ذاعت شهرتهم في العالم الاسلامي وتركوا لنا لوحاتٍ جميلة خالدة.
لذى كتب خمسة وعشرين مصحفًا بيده وطبع مصحفه الشريف فى البلاد العربية والإسلامية جميعها وخاصةً فى دمشق، ثم تبنته مطبعتان عريقتان هما المطبعة الهاشمية ومطبعة الملاح وطبعتا عشرات الطبعات بعضها مهمش بتفسير الجلالين او أفردوا أجزاءه فى طبعات مستقلة.
الذى خط لوحات فى المساجد التركية ومساجد بلاد الشام وغيرها لا تزال لوحاتها المعدنية او المرقومة على الجدران الجصية أو المنحوتة على الرخام باقية حتى اليوم.
نستطيع ان نسمي عصر الدولة العثمانية بالعصر الذهبي للخط العربي للكثير من الأسباب:
في ظل تكريم الدولة للخطاطين واغداقهم بالعطايا استطاعوا ابتكار خطوط جديدة كالرقعة والديواني وغيرها.
تميز في الخط العربي في تركيا بعض الخطاطين الذين لمعت اسمائهم حتى الآن منهم: سامى افندى وعبد الله الزهدى وإبراهيم علاء الدين ومصطفى نظيف وحامد الامدى وحقى ومحمد أمين ومصطفى راقم، وإسماعيل زهدي شقيق الخطاط راقم، ومصطفى عزت، ومحمد شوقى، وأحمد كامل، ومحمود ياز، وعبد العزيز الرفاعى وغيرهم.
اظهر الخطاطون الاتراك مقدرتهم الفنية في الخطوط العربية القديمة وابتكروا خطوط جديدة على مر السنين وسيبقى تاريخ الخط العربي يفخر بما قدمه الاتراك.
بعد نجاح محمد بن القاسم وجيوشه في دخول الهند عام 94 هـ دخل معه الخط العربي واصبحت السند ولاية اسلامية وزاد انتشاره في البنجاب حتى استقر بعد فتح سبكتين الغزنوي وولده محمود الهند في عام 376 هـ
في عام 697 هـ اجتاحت غارات المغول الهند بقيادة جنكيز خان حتى جاءت اسرة محمد شاه فتحايل على المغول بالهدايا والاموال حتى تركوا له الحكم وازدهرت الهند في عهده ودخل الكثير من الهنود في الاسلام. ثم بعد ذلك في عهد اكبر شاه بلغت الفنون الاسلامية مبلغًا عظيمًا في الخطوط والزخرفة لانه كان محبًا للفنون وقد اسس معهدًا فنيًا التحق به الكثيرون، ثم جاء بعده ابنه جهانكيرعام 1014 هـ الذي كان فنانًا يحب الزخرفة ويمارسها بنفسه.
اتخذ تيمورلنك من مدينة سمرقند عاصمةً لدولته واستقدم عددًا من الفنانين والخطاطين من بغداد اليها، وكانت مدينة هراة مقر ملك شاه رخ ابن تيمور وقد اسس فيها معهد الفنون وكتبت فيه الشاهنامة والشعر الصوفي، ازدهر كذلك في شيراز عاصمة السلطان ابراهيم شاه رخ فرع من المدرسة التيمورية وكتبت فيها المعراجنامة المحفوظة في المكتبة الأهلية في باريس.
بعد الفتح الاسلامي اخذت ايران بالخط العربي واخذ الخطاطون فيها عن الخطاطين في بغداد واتقنوا الخط واشتهروا بجمال خطوطهم.
اما في بغداد فقد اشتهر اصطلاح خط التعليق في اواخر القرن الثامن الهجري واتخذ مير علي التبريزي خط التلعيق عن الخطاطين العراقيين آنذاك ونهج منهجه العديد من الخطاطين واتقنوا الخط اتقانًا جميلًا، وكان من بينهم بعض الخطاطين من بلاد فارس.
ظهر في بلاد فارس خط قاموا فيه بمزج خطين هما النسخ والتعليق وسمي بـ(النستعليق) لسهولة لفظه.
برع في خط النستعليق الكثير من الخطاطين وبعضهم كتب به المصحف منهم الخطاط محمود النيسابوري، ويعتبر اول من وضع قواعد خط التعليق هو الاستاذ مير علي التبريزي الذي لقب بقبلة الكتاب وكان فنانًا بارعًا وامامًا في جميع الخطوط.
من تلاميذ مير علي التبريزي كان الخطاط عماد الدين الحسني والذي عُرف بحسن الخط واتقانه واجادته حسب القواعد والأصول وكان من اشهر الخطاطين في عصره حيث هذب طريقة الخط من حيث الجمال والهندسة وعُرف ايضًا بملك الخطاطين في عصره بخط التعليق.
بجانب الخطاطين الذين اعتمدوا الخط كمهنةٍ لهم لم يقتصر الغبداع في الخط عليهم بل تعداهم الى الحكام والأمراء وذوي الجاه والسلطان الذين وجدوا في النشخ والخط بركة ومجدًا لهم وكانوا يعتزون بنسخ المصحف الشريف متّبعين توجيهات كبار الخطاطين مثل عذد الدولة البوهي والشاه طهماسب، حقًا لقد ابدع خطاطو ايران اكثر مما نالوا من عطايا الأمراء والشاهات.
بداية دخول الخط العربي الى اوروبا كانت من طرق عدة وفي كل مرة كان يحمل طابعًا مختلفًا عن سابقه نظرًا لاختلاف ظروف دخول الخط:
عن طريق الأندلس بعد الفتح العربى الإسلامى لها وانتشار الجامعات الكبرى فيها ودخول أبناء ملوك اوروبا فيها ونقل الحضارة الاسلامية الى اوروبا عن طريقها.
عن طريق صقلية حيث دخل العرب المسلمون إلى إيطاليا وحاصروا روما وساحوا فى كثير من مدن الدولة الرومانية.
وهكذا ازدهرت اوروبا بعد دخول العرب اليها محملين بالعلوم والثقافة والمعرفة الى جانب الخط العربي واللوحة الفنية والنقطة الحسابية (الصفر)
يتضح ذلك جليًا في ابواب ونوافذ الكاتدرائيات وقصور الملوك والأمراء والنبلاء في زينتها بالأخص في المانيا وفرنسا وصقلية وايطاليا بل ودخلت الخطوط العربية الى متاحف باريس وروما وفيّنا وامستردام، مما دفع الكاتب الفرنسي مارسيه لأن يعترف بفضل العرب في الفنون والخطوط في اوروبا حين قال:
لقد كانت الحضارة العربية الإسلامية شديدة التغلغل فى عالمنا حتى ان العناصر الاسلامية طغت منذ نهاية القرن الحادى عشر فى واجهات الكنائس الرومية ثم رأيناها فيما بعد تختلط فى الكنائس القوطية مع العناصر الواردة من فرنسا
توسعت فتوحات العثمانيين الى وسط اوروبا وغربها حيث وصلوا الى سويسرا وشيّدوا فيها الحصون والقلاع وتركوا بصماتهم وآثارهم العربية، واستشهدت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) بعظمة الخط العربي والفنون التي تركها العرب في اوروبا وتوثق مقدرة الانسان العربي على استمرارية العطاء الفني من خلال رسم اللوحة الزخرفية والحرف العربي سواء في المساجد او المتاحف او الاضرحة او ثياب الملوك.
حتى بعد سقوط الدولة العثمانية استمر الخط العربي في التطور في العصر الحديث وقام الخطاطون العرب باختراع انماط وخطوط هجينة اختلطت بها انماط الخط، منها الخط الذي ابتدعه الخطاط محمد محفوظ وهو خط التاج وسمي بذلك لأن الفكرة هي فكرة صاحب التاج ملك مصر الأسبق فؤاد ، وكان محمد يعمل خبيرًا فنيًا بالمحاكم في عهده.
اما خط التاج فكان عبارة عن اشارة كأنها لام الف مقلوبة مقوسة وموضعه فوق رأس الحرف تمامًا كالحروف الكابيتال في اللغة الانجليزية، وكانت بهذا الشكل لكي تشد اهتمام القاريء وقد رجح استعمالها في خط النسخ لأنها اجمل وقعًا عليه من باقي الخطوط.
تطور الخط كثيرًا في العصر الحديث حتى اصبح نوعًا من انواع الفنون التشكيلية وله مقوماته وعناصره الخاصة به، حيث يمكن أن تتم كتابة اللوحة وتكوينها باستخدام الألوان المتعددة أو اللون الواحد بدرجاته او اللونين الابيض والاسود وغيرهم، ويمكن ايضًا ان تتضمن اللوحة التشكيلية جزءًا من الكتابة، ويمكن ان تكون الأحرف الكتابية عناصر متممة للوحة فقط ولا علاقة لها بالمضمون.
ثم ظهر الكمبيوتر في العصر الحديث ليساعد الناس على الكتابة العادية ولكن كان للخطاطين رأيٌ آخر فقالوا بأن تلك البرامج تساعد على الكتابة فقط اما الخط فلا يمكن ان يكتبه بإتقان الا من تعلم الخط وفنون كتابته والم بنسب الحروف واشكالها واطوالها وغير ذلك من قواعد كتابة الخط العربي، بل زعموا ايضًا بأن البرنامج لا يستخدم بالشكل الأفضل الا من قِبل خطاط.