تُعتبر كل عين من عينيك من أكثر الآلات البصرية إعجازاً حتى أنها أكثر من جميع الآلات التي عرفها الإنسان بالنسبة لأعظم الآت إستكشاف الأجرام السماوية سواء الكبيرة أو الصغيرة (تليسكوب أو ميكروسكوب) حيث أنها سهلة الفهم والتحكم فيها للحصول على أفضل نتائج ممكنة وطبقاً لإحتواء كل عين على 130 مليون مُستقبل ضوئي وكل مُستقبل ضوئي يتمكّن من إلتقاط خمسة فوتونات على الأقل في الثانية وهي وحدة قياس الطاقة الضوئية.
وفي عام 1879 قام عالم العيون الفرنسي Emile Javal ببحث عن حركات العين من خلال دراسات ساعدته في إكتشاف المعتقدات الأصلية المُتعلقة بحركات العين وكيفية إدراك عملية القراءة وهي الرؤية والتعرف على الحروف والكلمات وأثبت أن العينين تقفزان قفزات كبيرة وصغيرة تأخذها من نقطة ثابتة إلى نقطة أخرى ثابتة تشمل أكثر من كلمة في المرة الواحدة حيث أن العين تتحرك بتنقلات صغيرة في إتجاه السطور عبر الصفحة ولكن ليس ببطء وتتوقف للحظة لتتمكّن من الحصول على كلمة أو كلمتين ثم تتحرك مرة أخرى لتكرر هذه العملية وهكذا حيث يتم إلتقاط المعلومات فقط خلال التوقف الذي يستغرق معظم الوقت وتأخذ كل وقفة ما بين ربع ثانية الى ثانية ونصف.
كما تحدث حركة اخرى من حركات العين تسمى النكوص، وذلك عندما ترتد عيوننا الى الوراء لتعيد قراءة كلمة أو مجموعة من الكلمات.
وفى 1885 استنتج باحث يسمى J.M Cattell أن: القراء الماهرين يفهمون المادة المطبوعة في شكل وحدات – كلمات كاملة وأحياناً في عبارة.
أثبتت الأبحاث أن 80% من الحالات تشير الى أنه عندما لا يُسمح للقاريء بإعادة القراءة لحظياً أو التردد والعودة لكلمات سبق قرائتها، سوف تلتقط العين المعلومة فعلا وتستوعب بعد قراءة عدة عبارات تالية حيث تتحرك العرين في مجال المرئي في قفزات تقف عندها طويلاً أو قليلاً تبعاً لما يجذبها من إنتباه أو مُعاينة شكلية أو مضمون.
ويذكر Geralailver أن حركة العين الطبيعية لأي تصميم تبدأ من الجهة التى يبدأ منها المُشاهد القراءة ثم تقفز بعد ذلك الى المركز البؤري أو المجال ثم تمر الى الأسفل حتى نهاية التصميم للخارج.
فيُمكن إدراك الصفحة كشكل هندسي مستطيل مركزه الهندسي هو تقاطع القطرين وتُدرك الصفحة كحيز مرئي من اليمين الى اليسار مع إتجاه حركة العين في القراءة من اليمين لليسار في الكتاب العربي والعكس في الكتاب الأجنبي وتتحرك العين من اليمين لليسار في الصفحة ثم تقفز لبداية السطر الثاني وهكذا مع إتجاه الجاذبية الأرضية حتى نهاية التصميم حيث تُحول الخلايا العصبية الموجودة في عيوننا المثيرات البصرية الى نبضات إلكترونية تنتقل الى المركز البصري في الدماغ وعندئذ يرسل المركز البصري النبضات الى المناطق المحددة في الدماغ التي تكون مسؤولة عن تنظيم التفكير وتخزين الذاكرة والإستدلال.
أصبحت الكلمات الإعلامية الشائعة هي كلمات يُسر القراءة تبعاً لمحاولات المصمم أو المخرج الصحفي في الجريدة في تحقيق معادلة اختيار الحروف المناسبة لتكوين كلمات سهلة القراءة بحيث لا يتسبّب ضيق إتساعها أو زيادة إتساعها في الحجم أو شكلها أو قلة المسافات بين الحروف أو لكثرتها وعلى هذا الأساس يجب أن تجتمع كل هذه العوامل لتقديم قراءة سهلة لتحقيق هدف وصول الرسالة الإعلامية المراد إبلاغها بسلاسة دون إعاقة أو إجهاد.
۱. شكل الحروف Typeface
۲. حجم الحروف Font size
۳. طول السطر Line length
٤. المسافات بين الكلمات والسطور Kerning,tracking and leading
يُعتبر هذا العامل من أهم العوامل التايبوجرافية التي تؤثر على يُسر قراءة الحروف وشكل الحرف هو تصميم الحرف أى الطريقة التى يظهر بها على الورق بعد الطباعة وعلى شاشة الكمبيوتر ، وتضمن هذا التعريف البسيط عدة نقاط على درجة كبيرة من الأهمية حيث لا يظهر شكل الحرف بطريقة مُعينة جيدة أو غير جيدة إلا بعد إتصاله بغيره من الحروف وعندما كان شكل الحروف لا يظهر إلا مطبوعاً على الورق فإن نوع الورق المطبوع عليه يجب أيضاً أن يؤخذ في الإعتبار ونوع الحبر المُستخدم في الطبع حيث يرتبطان إرتباطاً وثيقاً بطريقة الطباعة المُتبعة.
يُقاس دائماً حجم الحرف بالبُنط (points) ويبدأ القياس من أعلى جزء فى الزوائد العليا (ascender) الى أدنى جزء من الزوائد السُفلى (descender) علاوة على جزء يسير من البياض في أعلى وأسفل يدخلان ضمن حجم الحرف، ويراعى ألا تلتصق السطور بعضها ببعض ولو لم تُترك أي مسافات زائدة بين السطور.
يُشير الى طول السطر الذي تتخذه الكتابة على الصفحة وهو من العوامل المهمة التي تؤثر فى يُسر القراءة فإذا كان السطر قصيراً غير عادي أدى ذلك الى قطع الجمل وبتر المعاني كما أن زيادة طول السطر عن الحد المُناسب يجعل القاريء يبحث عن بداية كل سطر، وقد يُخطيء ويُعيد قراءة السطر الذي قرأه وهذا كله يؤدي إلى إرهاقه ومضايقته خاصةً إذا كان الموضوع طويلاً.
فالمعروف أن صِغر حجم البُنط يتطلب اتساعاً أقل للسطور والعكس صحيح، أو لا تستطيع العين البشرية إستيعاب الألفاظ دون تحريك حدقة العين أو الرأس تحريكاً كثيراً قد يطول الى حد التعب والملل في حالة ما إذا كانت السطور أطول مما يجب.
فإن إختلاف تصميم الحروف اللاتينية يُعطي كل شكل منها اتساعاً مختلفاً للحرف عن إتساع الحرف المماثل في تصميمات أخرى للبُنط نفسه فبعض الحروف تميل للإنفراج وبعضها الآخر يميل للإنكماش.
فالحروف السوداء تتميز بتخانة الخطوط وللمُحافظة على كمية البياض الموجود بين خطوط الحرف وفي فجواته الضئيلة فقد وُضع في مضمون الحرف الأسود اتساعاً أكبر من الحرف الأبيض من حجم البُنط نفسه. ولا ينطبق ذلك على جميع الحروف بجميع أشكالها وتصميماتها.
ويعتبر من العوامل المهمة فى يُسر القراءة المسافة المعقولة بين الكلمات حيث يَمنع اختلاطها فى عين القاريء ويَسهل إلتقاطها، أما زيادة المسافة بينهما فيُعطى الكتابات منظراً غير سار بوجود أنهار من البياض (rivers of white) تعوض مَسرى العين الطبيعي للقراءة من اليمين الى اليسار (بالنسبة للقاريء العربي).
وهناك بعض المصطلحات المهمة لابد من فهمها والتفريق بينها:
هي المسافة بين حرف وآخر والمقصود بها هو إعادة ضبط المسافة بين بعض الحروف وذلك عند وجود فجوة كبيرة بين حرف وآخر فى نفس الكلمة، وذلك يرجع الى الشكل البنائي للحرف.
هى المسافة بين كل الاحرف فى الكلمة.
وتتأثر المسافات بين الكلمات بتصميم الحرف وحجمه وطول السطر، فإذا كانت الحروف المستخدمة ضيقة فإنها تحتاج بياضاً أقل بين الكلمات مما لو كانت عريضة كما أن زيادة حجم الحرف المستخدم بموجب زيادة البياض بين الكلمات بأحجام صغيرة، فقد ثبت أن هذه الأحجام الصغيرة يمكن قرائتها بشكل أيسر إذا زاد البياض بين كلماتها عن الحد المُعتاد، وكذلك يُمكن إستنتاج أن الحروف السوداء تحتاج بياضا أكبر بين كلماتها، وأما بالنسبة لطول السطر فإنه يتحكم فى توزيع البياض بين الكلمات توزيعاً مناسباً معقولاً متوازناً.
تُسمى المسافة بين السطور (leading) ، فلا تقل أهميته عن المسافة بين الكلمات، فإنه يؤدي الى توضيح سطور المتن وإضاءة ما حولها بحيث يتمكن القاريء من مواصلة القراءة دون شعور بصره بالإرهاق نتيجة تلاصق السطور دون أن يحس بأن كل سطر وحدة مستقلة عند زيادة البياض بين السطور.
تظل الصفحة المرئية بدون وجود حتى ترى العين وتُترجم الى صوت نابِع من خلال العقل البشري وتُسمع بالأذن، ويتضح جيداً أن العوامل التي تؤثر على الوضوح هى إختيار شكل الحرف typeface وحجم الحرف font size والمسافات بين الحروف وبين الكلمات والسطور والهوامش margins.
شاشة الكمبيوتر هي وسيط إلكتروني يختلف عن الوسيط المطبوع الذي يتم القراءة من خلاله حيث أن سرعة القراءة من الشاشة تكون أقل بنسبة 20-30% من الورق المطبوع وتختلف تلك المعدلات بالزيادة أو النقص تبعاً لوضوح المحتوى على الشاشة وتوزيع عناصر التصميم حيث يُغير القراء مُعدلاتهم بشكل مُتغير وفقاً لظروف الرؤية والوضوح والتكيف مع الإمكانيات التي تُقدمها وسائل العرض المختلفة مثل الإضاءة Luminance والتباين Contrast.