تعتبر الأبجدية التايبوجرافية مجموعة من الوحدات وهي الحروف والرموز التي تتمثّل بجانب بعضها في مستوى أفقي هندسي لتكوين الكلمات والسطور للحصول على أبجدية أفضل حيث يظهر ذلك جيداً في كثرة استخدام المصممين والطابعين للأبجدية لتقديم محتوى أفضل لجمهورهم من القراء.
عند تسليط الضوء على تطورات التايبوجرافيا، نجد ظهورها في القرن العشرين وفقاً لظهور الحروف التي دفعت البشرية لطباعة الكتب مثلما يوجد في الحروف المعدنية المتحركة التي ظهرت على يد جوتنبرج Johann Gutenberg، كما ظهرت أيضاً قاعدة لرسم الحرف الرومانى فى ميدان الطباعة على يد الفرنسي نيكولا جينسن Nicolas Jensen مع إثنين من مساعدى جوتنبرج عام 1455، وقد اشتهرت بعد ذلك مجموعة من الأبجديات من بيمبو 1495 Bembo وأبجدية الفرنسي جارامونت Garamond 1544.
ظهرت أبجدية الانجليزي كاسلون Caslon عام 1720 في مرحلة الباروك Baroque، وأيضاً باسكرفيل التي تنتمي لصاحبهاBaskerville عام 1757 وتتكوّن وفقاً للحروف الرومانية حيث أنها سهلة القراءة وتتميز ببناء حروفها وبالنظر الى الأبجديات بصفة عامة سنجدها ساهمت في تطوير أشكال الحروف التايبوجرافية وخصيصاً الحرف الروماني، ثم تأتي أبجدية Bodoni للمصمم الإيطالى جياباتيستا بودوني GiambattistaBodoni التى تميزت بطابعها الهندسي الأكثر تنظيماً.
وعند الوصول لعام 1816 ستجد ظهور حروف السانس سيرف Sans Serif التي صممها كاسلون Caslon أبجدياً لتتكوّن من حروف كبيرة Capitals فقط حيث لتبدو حروفاً ذات سُمك واحد خالية من الزيادات فى نهايات كل حرف بالشكل الآتي:
وفي عام 1896 ظهرت أبجدية أكزيدنز جروتسكAkzidenz-Grotesk في بيرتهولد Berthold فى برلين حيث لم يعرف مصممها وكانت عبارة عن نوعين بولد وسيمى بولد (Bold and semi bold) كحروف خشبية للإعلانات الكبيرة.
وفي 1905 ظهرت أبجدية Sans Serif في أمريكا بشكل جديد على يد سميت فرانكلين جوثيك Franklin Gothic كأحرف خشبية ثقيلة من تصميم موريس بينتون Morris Benton، وبعد ذلك تم انتشارها انتشاراً جماهيرياً كبيراً امتد حتى اليوم ثم تطورّت كحروف طباعية عام 1907 وعلى هذا الأساس سُميت نيوز جوثيك News Gothic وتميزت بحروف خفيفة غاية فى الوضوح، ومن ثم ّ تأثرت التايبوجرافيا بالحربين العالميتين الأولى والثانية وأيضاً الحركات الفنية حيث أخذت أشكالاً متطورة فى أثناء التحديثية السويسرية، كما تأثرت بعد ذلك بردات فعل ما بعد الحداثة فى نهاية القرن العشرين.
تأثرت التصاميم التايبوجرافيةفي بداية القرن العشرين بالحركة المستقبلية Futurism التي إستخدمت الحروف والكلمات بأنواعها بحرية للتعبير عن العنف والهمجية والأحاسيس الثائرة المتأثرة بتكنولوجيا بدايات القرن العشرين بدون التوافق مع النموذج التقليدي المتناسق للصفحة المطبوعة وقد استحدثت هذه الرؤية جديداً على صعيد التعبير الفني الذي لم يكن معروفاً من قبل والذي سُمي طبقاً لذلك بثورة التايبوجرافيا Typographical Revolution، للحصول على نموذج أخذَت به إبداعات الدادائيين Dadaists الطباعية في ألمانيا حيث تأثرت التايبوجرافيا والتصميم الجرافيكي بحركة الدادا Dada التي جاءت كرد فعل على نتائج الحرب العالمية الأولى وشكلت اتجاهاً عبثياً فى إستخدام الحروف وكانت بعض الأعمال تذهب قيمتها الحروفية الكتابية والجمالية بسبب تشوه الحروف فيها وفي هذا الوقت كانت تُعبر عن نواحي اجتماعية أو ثقافية معينة.
وبالنسبة للحركة البنائية Constructivism فقد ظهرت بعد الدادئية لتكون جواباً عليها لتتطالب المصمم والفنان بتحقيق الموضوعية في تمثيل الحقيقة وفقاً للقوانين العلمية للشكل واللون وحاولت إيجاد لغة فنية جديدة يمكن أن تعكس الإتجاهات الفكرية للعالم الجديد الى جانب الإهتمام بالوظيفة والتعبير.
أما في الفترة ما بين عام 1900 الى عام 1933 ستجد استخدام أسلوب الصور المتحركة والشبكات على يد الأخوان فلاديمير وجورجى ستينبيرج Vladimir & Georgy Stenberg فى ملصقاتهم السينمائية حيث تظهر الديناميكية المميزة لأعمالهما والتي نتجت عن تباين الأشكال المسطحة والأشكال ثلاثية الأبعاد.
استخدم المصممون السويسريون أسلوب مُبسّط للأشكال الطبيعية لتحويلها الى ثنائية الأبعاد لربطها مع الكلمات لمواكبة التطورات في بداية القرن العشرين لتضمين ضوابط بصرية حيث كانت ملصقاتهم مُلخصة ومُركزة على أشكال تعتمد على أفكار واضحة من أجل الإستغناء عن الكتابة والدعوة لوجود أساس واحد يمكن التعبير عنه بصيَغ متعددة تضمن التجانس بين الأجزاء والناتج الكلي للحصول على معنى التصميم وتأكيد فائدته، حيث يظهر ذلك التوجه فى ملصقات نيكولاس ستوكلين Nicklaus Stoecklin التي صممها لشركة الصابون Sunlight وأيضاً في مُلصق لبيت الراديو الذى كبّر فيه الأذن بشكل سريالي للتعبير عن حالة السمع فضلاً عن إختصار الكتابة لهذه النماذج التي عبّرت جيداً عن مفهوم الإعلان المتكامل الذى يركز على أحد وجوه المنتج من الناحية التسويقية والترويجية.
وعند النظر إلى موقف السويسريين ستجدهم كانوا مُعجبين بالمواقف الأمريكية ومُبالغة أفكارهم إلا أن الأمريكيين أيضاً إحترموا الأوروبيين بناءاً على أسلوبهم فى التصميم وخاصةً فى المُلصقات السياحية على يد المُصمم Herbert Matter الذي يُعد من أهم المصممين المُبتكرين فى بناء الشكل ووظيفته لمرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية وفقاً لأعماله وتصاميمه في نيويورك وباريس وصمم ملصقات مستخدماً المونتاج وحروف Sans Serif.
تستطيع أن تجد بداية التصميم بمفهومه الأكاديمي فى الباوهاوس Bauhaus والتي تُعد أول مدرسة للتصميم منذ أن تأسست عام 1919 فى Weimar فى ألمانيا التي تبنت آراء حركة البنائية ونظريات الجشتالت Gestalt لتأكيد إستخدام الأسس العلمية والتطبيقية في التصميم، ثم ظهرت التغيرات بالإنتقال من التعبيرية الحرة بإتجاه التوظيفية ومن الحرفة اليدوية إلى التصميم ووضعت أسساً ونظماً تؤثر فى شكل السياق، الذي يتم من خلاله إدراك التصميم والتوصل إلى معناه بوصفه لغة دالة فى الشكل مثل كل الفنون البصرية التي تعتمد على العين والإدراك، وهنا يظهر هربرت باير Herbert Bayer الذي تبنى هذه الأسس بإعتباره أهم مصممي الباوهاوس إذ أخضع التيبوجرافيا للأسس البنائية والوظيفية مستخدماً الأشكال الهندسية المربع والمستطيل والمثلث والدائرة والألوان الرئيسية الثلاثة، ويتميز الشكل عنده بأنه عبارة عن رمز مرئي يحمل دلالات تعبيرية تؤدي دوراً وظيفياً فى جمع المفردات الجرافيكية لتحقيق المعنى المطلوب وكان له رأى واضح فى شكل الكتابة ونوعيتها يتمثل كالآتي:
لماذا نملك شكلين للأبجدية مع أن الكلام المنطوق لا يُعبر عن حرف صغير أو كبير ولما لا تكون لدينا ابجدية واحدة حاصلة من اندماج الشكلين وبذلك نحصل على ابجدية مختصرة - هربرت باير Herbert Bayer
وفى عام 1925 قام هربرت باير Herbert Bayer بتصميم أبجدية خالية من حروف الكابيتال Capital Letters التى روجَت لها الباوهاوس بشدة داخل ألمانيا وحاولت شرح فوائدها وأصدرت العديد من المطبوعات أهملت فيها حروف الكابيتال Capital Letters ولكن لم يتقبلها كل الجمهور فكانت هذه الفكرة صعبة التطبيق وفقاً لذلك.
وابتكر هربرت باير Herbert Bayer أسلوباً جديداً لتصميم أبواب الكتب والمجلات عن طريق وضع كلمات عناوين الأبواب (الترويسات) بشكل واضح ومباشر لتؤدى وظيفتها وصمم أيضاً أوراق الرسائل Letterhead بشكل يُظهر العنوان المطبوع بشكل صحيح من نافذة الظرف وكلها كانت من قياس A النموذجية ومطبوعة باللونين الأحمر والاسود.
والآن نتجه الى موهولى ناجي Moholy Nagy ورؤيته أن الكتابة هى الأداة التي ستُمكننا من إجراء عملية الإتصال بأشكال مُختصرة ومُركزة لكي يكون الإتصال سهلاً وواضحاً ولا يرتبط فقط بالناحية الجمالية وبالإضافة الى ذلك فقد أكد ضرورة إبتكار أبجدية مرنة ذات إمكانيات وظيفية وتعبيرية واسعة.
أما الروزنامة السنوية للباوهاوس Utopia Press تم تصميمها على يد معلم الباوهاوس يوهانس أيتن Johannes Ilten وأصدرها في عام 1921 وأوضح فيها أهمبة توسُع جهود المستقبليين فى إستخدام الحرف، ولكنه جعل الحرف المطبعي أكثر حضوراً بالنسبة للتصميم الموضوعي ووظيفته الواضحة بإعطاء أهمية لتنوع الحروف وحجوم الكلام في الصفحة الواحدة ومن ثمّ نفذها مع مزيج من الحرف الأسود والأنواع الغامقة السميكة وتزيينات الأشكال المطبعية كالنقطة والمربع والخطوط المتوازية.
وبسبب أهمية تطوير الحرف ووظيفته فى التصميم ظهر الجدل دائماً بين أساتذة الباوهاوس Bauhaus ولذلك قاموا بتحليل شامل للإتصالات البصرية وأكدوا على إستخدام الحروف الأبجدية الكبيرة كحروف أولية فى الأسماء وتحديداً نوعية حرف السان سيرف Sans Serif مع الصورة الفوتوغرافية ضمن ضوابط بصرية واضحة الوظيفة.
أما كارل جيرشتنر Karl Gerstner فقد قام بتطوير شبكة التحكم لضبط مقاييس الحروف وتصاميم المطبوعات التي بدأ إستخدامها مع هربرت باير Herbert Bayer فى الباوهاوس.
كما أنك تستطيع أن تجد ذلك عند جان شيكولد Jan Tschichold الذي إعتمد النظام الهندسي والنسب الرياضية فى تصميم صفحات الكتب وأوضح ذلك في عام 1928 في كتابه (التايبوجرافيا الحديثة - Die Neue Typographie).
أما المصمم Kurt Schwitters فكان إسهامه الأكثر تطرفاً في الحركة الحديثة (Modern) حين قال: افعلوه بطريقة لم يفعلها أحد من قبل.
وكان يريد التعبير عن صوت معين وشكل أكثر في عناصر ملصقاته فكتبها بخط يده بإستخدام مبدأه الخاص وهو جعل الحروف توضع بشكل إشارات منفصلة، وبعد ذلك تميزَت هذه المرحلة بظهور أبجدية الفيتورا Future على يد المصمم بول رينر Paul Renner في عام 1925 التي صممها بثلاثة أوزان وأخذت شهرة واسعة ولقيت إقبالاً كبيراً من الفنانين والمصممين حيث اشتملت على حروف كبيرة هندسية الشكل بعضها دائرية والأخرى خطوط مستقيمة وذات زوايا وأما الحروف الصغيرة فأخذت مظهراً أفقياً من الدوائر المتتالية.
وبالنسبة لأبجدية Sans Serif فقد تم تصميمها على يد Eric Gill حيث إتبع أسس ومبادئ هندسية وبسماكة واحدة مستخدماً ضوابط الشبكة فى معالجة الحروف ثم أضاف إليها بعداً فلسفياً فى طريقة الرسم وكانت مقاربة في شكلها لأبجدية الفيتورا.
وأما عن مصمم الحروف الألماني هرمان زابف Hermann Zapf فقد وُلد عام 1918 الذي أصدر كتابه (دليل التايبوجرافيا) في عام 1954 وأكد فيه الحاجة الى شكل جديد للحروف قائلاً: إن الحروف ذات الأشكال المتباينة تخلق نوعاً من الدهشة والمفاجأة التى لا تنتهي .. إن وقتنا هذا يضع أمام المصمم مهمات جديدة تختلف عن مهام الماضي .. إن الحروف الجديدة يجب أن تتماشى مع الجمالية والوضوح لتواكب الثورة التقنية.
وقدّم أيضاً مجموعة من الأبجديات المهمة: البالاتينو Palatino 1950 والميليور Melior 1952، كما صمم واحدة من أهم الأبجديات فى الستينيات جمع فيها إحساس أبجدية السيرف Serif الكلاسيكية وأبجدية السانس سيرف Sans Serif هى أوبتما Optima 1958 التي ظهر منها مجموعة من الأوزان مختلفة السمك.
أما المصمم والمؤرخ الفني والتر ديكسل Walter Dexel فقد عمل في تنظيم المعارض وأكد فى ملصقاته تبني أفكار الباوهاوس فى إستخدام حرف Sans Serif والقاعدة الأفقية فى توزيع المفردات البصرية ولكنه اختلف عن معاصريه في ضبط الحروف من الأعلى والأسفل لحل مشكلاتها بإستخدامه الحروف الكبيرة Capitals، وظهر ذلك بوضوح في عام 1927 الصفحة الأولى من مقاله في مجلة Frank Further Zeitung ذات الأعمدة التقليدية والمكتوبة بحرف Fraktur بعنوان "ما هي الطباعة الحديثة؟" التي تضمنت عبارات وكتل من حرف Sans Serif لعرض تفسير مُبسط للحروف المُستخدمة في مدرسة الباوهاوس Bauhaus.
وأيضاً المصمم باوميستر Baumeister الذي استخدم الحروف الكبيرة فقط Capital من النوع Sans Serif التي تعتبر هندسية الشكل لتميزها بضبط الحروف من الأعلى والأسفل، كما إشتهر بالتصميم الجرافيكي الشامل للمؤسسات الكبرى بعد أن أعطى المصمم دوره ومسؤوليته فى حل المشكلات الجرافيكية في تلك المرحلة.
إن ظهور نظرة التحديث في سويسرا كان نتيجة للتطورات الخاصة بالتصميم الجرافيكي، واشتملت هذه النظرية علىضوابط وقواعد واضحة وعميقة فى السنوات التى تلت الحرب العالمية الثانية واعتمدت علىالبنية التنظيمية العقلانية للتصميم المرتبطة بتنسيق ما بين الأجزاء المكونه بما تشغله من مساحات فضائية خاصة لكل منها بالنسبة للمصممين في ذلك الوقت.
حاول إميل رودر Emil ruderتطوير المهارت الفكرية لطلابه للوصول الى تقييم لبنية نظام التصميم في مدرسةKuns Fgwer Beschuleمثل إعطاء قمة للفراغ الابيض وللايقاعات الشكلية بالنسبة الى الحرف لتأكيد أنالمساحة الفارغة هي بالأهمية نفسها داخل التصميم مثل المساحة المطبوعة، ولكن نوع الحروف وخاصةًأمهات حروف الباوهاوس وأوزانها ونماذجها يجب اختيارها بطريقة محدودة جداً من أجل الإبداع في التصميم.
وُلدجوزيف مولر بروكمان Josef Muller Brockmann في عام 1914 ويُعد من بين أهم المصممين السويسريين الذين وضعواالضوابط الأساسية للتحديثية السويسرية (الأسلوب الدولي) حيث تم تبسيط هذا الأسلوب الىمفردات جرافيكية وتايبوجرافية ليساعد على وضوح الإتصال البصري بطريقة أكثر نجاحاً.
وتم الترويج لهذه الأفكار لتُعبر عنالأسلوب السويسري في الخمسينيات والستينياتمن خلال حركة انتشار المصممين المحترفين حول العالم مثل هربرت باير وهربرت ماتر وبيت شفارت وماكس هوبر، وجيعهم تأثروا وأثروا في تطور نظرية الشبكة في التصميم والبحث عن فلسفة تايبوجرافية مختصرة، وأيضاً تم الترويج بواسطة مجلة نيوجرافيك Neue Grafik التي صدرت عام 1959 من خلال تضمنها للإسقاط الواضح لهذه المبادئ.
أما في أواخر العشرينيات والثلاثينيات تم تصميم حروف الفيتورا والأشكال القريبة منها، ومن ثمّ أصبحت الإختيار الرئيسي لمصممي الإعلان فى الخمسينيات حيث أدى ذلك الى ظهور عائلتين من Sans Serif هما (Helvetica و Univers الهلفتكا - اليونيفرس) بسبب عدم الرضا عن أشكال حروف السانس سيرف الموجودة في ذلك الوقت، حيث ظهر أولاً أبجدية أكزيدنز جروتسك Akzidenz Grotesk التي أُطلق عليها الأبجدية القياسية Standard وهي اختيار ماكس بل Max Bill وبعض من المصممين الآخرين حيث كان لها إيقاع وشخصية مفقودة فى الحروف الهندسية الأخرى وذات طابع مريح ولذلك تم تكليف ماكس ميدنجر بتطويرها فصمم حرف Neue Hass Grostesk بين عامي 1951 - 1953 وبعد تصميمها أطلق عليها اسم هلفتكا Helvetica وأنتجه فىي عائلة كاملة بأشكال مختلفة وأدى ذلك الى انتشاره بشكل واسع لدى مصممى الإعلان واحتفاظه بدور رئيس فى ترتيب حروف النصوص.
تشهد الستينيات أيضاً عدة تطورات في تقنيات إنتاج الحروف حيث دخل الكمبيوتر في هذه المرحلة الى هذا الميدان بتحميل الحروف على الذاكرة، وأصبحت التقنيات الجديدة قادرة على تقديم خصائص التباعد والتحكم فى تقسيم الكلمة والتحكم بطول السطر ولذلك سيطرت التقنية الجديدة تحديداً بعد دخول تقنية الأوفست بإمكانياتها الطباعية الملونة والجودة العالية.
وبالإضافة الى ذلك، تم ابتكار حروف ليتراست Letraset الجافة التى جعلت التايبوجرافيا في متناول الجميع وهذا أمر لم يحصل من قبل، وقد روجت الشركة من خلال إعلاناتها بأنها شعبية ولا تحتاج الى خبرة فى الإستخدام، وهذه التغييرات كانت تمثل تغيراً تكنولوجياً لجعل المناخ أكثر إنفتاحاً للتصميم حيث ظهرت بعدها حركة فن البوب Pop Art التى ارتبطت أعمالها بعملية التلاعب اللفظى والتعبيرات الساخرة التي أنتجت الكثير من أنواع التصاميم الجرافيكية فى الستينيات ولذلك استطاعت أفكار التصميم الوظيفي أن توصل هدفها وأصبحت التايبوجرافيا التلميحية واحدة من اتجاهات هذا العقد ولم تسمح تقاليد الأسلوب الدولي السويسري بإدخال مثل هذه الأفكار المرحة.
في العشرينيات قام جان شيكولد Jan Tschichold وآخرون بتشكيل مدخل جديد فى التصميم الطباعي مثل ما فعله Herber Bayer هربرت باير حيث ظهرت في سويسرا لأول مرة معارضة للمذهب الشكلى فى التقليد الحديث بعد أربعين عام تقريباً ولكن بعد ذلك انتشرت في جميع أنحاء العالم.
وفي عام 1964، وصل فولفجاج فاينجارت Wolfgang Weingart إلى بيسل فى ألمانيا الشرقية وقد درس الفن والتدريب على فن الطباعة ومن ثمّ دراسته بعد سفره إلى ألمانيا مع إميل رودر Emil Ruder، وبعد ذلك انضم الى أرمين هوفمان Armin Hofmann فى جامعة بيسل عام 1968، وعمل متأثرا برودر وهوفمان فى أثناء دراسته ولكنه أثناء تدريسه تناول الحرف بطريقة مختلفة حيث تبنى فلسفة معارضة للإتجاه المستخدم الذي سار عليه أساتذته.
أظهر فاينجارت سَعيه في بث روح جديدة فى فن الطباعة المنظم والدقيق من خلال تعاليمه ومشاريعه الشخصية وإعادة التفكير بالتقاليد الأصلية للطباعة وأنظمة اللغة البصرية، وكان غالبا ما يجعل الكلمة المهمة التى يريد تأكيدها فى العنوان بيضاء على مستطيل أسود.
وفي أوائل السبعينيات كانت إبريل غريمان April Greiman من بين مصممي الموجة الجديدة ودَرست مع فاينجارت وهوفمان فى بيسل، حيث إتخذت اتجاهاً جديداً للفراغ حيث كان التصميم الجرافيكي عادة ذات بُعدين إلا ان غريمان حققت إحساساً بالعمق فى صفحاتها الطباعية وكانت الأشكال المتداخلة والكتابات المائلة التى تتضمن مناظير معكوسة وخطوطاً محددة تتحرك للخلف فى الفراغ وتتداخل خلف عناصر هندسية وأشكال تحلق تلقي ظلاً تستخدمها لصنع أشكال تتحرك للأمام والخلف من على سطح الصفحة المطبوعة.
في أوائل السبعينيات إعتقد الكثير أن الحقبة الحديثة تقترب على الإنتهاء في الفنون والتصميم والسياسة والأدب و زاد الإهتمام بالعادات الثقافية للغرب والشك بسلطة المؤسسات التقليدية. وبالنسبة للتصميم فقد تم تحديد أعمال المعماريين والمصممين الجرافيكيين من خلال ما بعد الحداثة التي إكتسبت قاعدة قوية ضمن جيل المصممين، وفي هذه الاثناء نشأت بعض النزعات الأولى في التصميم الجرافيكي بعد حديث الأفراد الذين يعملون فى ظل أفكار أسلوب الطباعة العالمي.