التناسب هو مفهوم يشير الى أهمية العلاقات بين أجزاء الكيان الواحد من حيث نسبة رياضية، والتناسب بهذا الشكل يمكن اعتباره قيمة عددية معبرة عن كيفية تواجد عناصر التصميم داخل الإطار العام له.
تأمل الطبيعة وسوف تدرك علاقات التناسب،على سبيل المثال، لو تأملت جيدًا الشجرة سوف تلاحظ أن جذع الشجرة عريض لحمل العصارة إلى باقي أجزاء الشجرة، وكذلك لتثبيتها على الأرض. وسوف تلاحظ كذلك أن الفروع تقل نسبتها كلما قلت طبيعة العمليات التي تقوم بها؛ أي قلت فاعليتها بالنسبة لباقي أجزاء الشجرة.
ينطبق نفس الشيء على الجهاز الدوري الموجود داخل جسمك، الشرايين والأوردة تجدها تتفرع وتتشعب في أجزاء صغيرة وتتناقص نسبتها مع كل تفرع لتتناسب مع الدور المهيأة بالقيام به. وكذلك النمو الحلزوني للقواقع والنباتات.
الاعتماد على المبادئ الرياضية في الفن والتصميم يمنح العقل البشري القدرة على إدراك وفهم العلاقات بين الكتل والفراغات بشكل أبسط. ولهذا فإن التوازن(Balance) والتناسب ( Proportion) والتماثل (Symmetry) من المبادئ الأساسية في التصميم.
كتب ليوناردو بيزا (leonardo of pisa) المعروف كذلك باسم فيبوناتشي (Fibonacci) الكثير من الكتب حول المشكلات في الرياضيات، لكن أشهر ما عُرف عنه هو النسبة الذهبية (Golden Ratio) ومتتالية فيبوناتشي (Fibonacci sequence).
تتكون متتالية فيبوناتشي من الأرقام التالية : 0 – 1 – 1 – 2 – 3 – 5 – 8 – 13 – 21 – 34 – 55 – 89 – 144 - ....... وهكذا، وتعتمد المتتالية على اختيار أول رقمين ثم نكمل باقى أعداد المتتالية عن طريق جمع الرقمين السابقين له، فلو جمعنا 0 + 1 = 1 وإذا جمعنا 1+1 = 2 وهكذا مع باقى الارقام.
قد تسأل نفسك ما علاقة هذه الأرقام بالفن والتصميم؟! في الحقيقة هذه الأرقام تلعب دورًا رئيسيًا في عملية التصميم.
تخيل إذا كان كل رقم يعبر عن شكل معين مثل الرقم الثانى 1 يمثل مربع والرقم الثالث 1 أيضا يمثل مربع آخر، فإذا وضعنا المربعين بجوار بعضهما سوف نحصل على المربع الخاص بالرقم التالى وهو رقم 2 وهكذا مع باقى الارقام، لو جمعنا هذه المربعات سيتم تشكيل ما يعرف "بالمستطيل الذهبي".
إذا تأملت كل من لوحة الموناليزا و الهندسة المعمارية الكلاسيكية والحديثة يمكنك العثور على المستطيل الذهبي.
تساعد النسبة الذهبية أو القاعدة الذهبية المصممين أثناء تصميم مشروعاتهم. وهى نظرية رياضية تقيس التناسب بين عنصرين داخل التصميم وتكون قيمة هذه النسبة "1.618 "، ونلاحظ هذه النسبة في اللوحة المشهورة الموناليزا و بعض الشعارات المشهورة مثل شعار تويوتا و بيبسي وغيرها من الشركات الكبرى.
يعتمد المصممون على النسبة الذهبية و المستطيل الذهبي في تصميماتهم مثل صفحات الانترنت والشعارات والكتب والمجلات وغيرها.
تخيل أن بدل المربعات السابقة استخدمنا الدوائر، فإذا قمت بترتيبها بشكل محدد يمكنك أن تحصل على أشكال كثيرة ومتنوعة، وهكذا إذا استبدلت المربعات بأي شكل من الأشكال الهندسية الأخرى.
يعتمد الحلزون الذهبي على متتالية فيبوناتشي أيضًا. استخدام النسبة الذهبية أو الحلزون الذهبي لا يقتصر على الفن فقط، ولكن يمكن أن تجده كذلك في الطبيعة.
يرى بعض المصممين المتعصبين لنظريات فيبوناتشي أن المستطيل الذهبي -الذي أخذت قياسات أضلاعه بمراعاة النسبة الذهبية- هو أفضل مستطيل على الإطلاق، حيث كان أغلب الفنانين يستخدمونه عمدا فى ترتيب عناصر الصوره داخل لوحاتهم.
لماذا لا يستخدم جميع الفنانين والمصممين المستطيل في كل لوحاتهم وتصميماتهم بما أنه الأجمل على الإطلاق؟! فهم من خلال تصميماتهم يسعون دائمًا لتحقيق معايير الجمال المطلق.
ومن الادعاءات التي تم تداولها كذبًا عبر التاريخ حول النسبة الذهبية هو أن البارثينون اليونانى (المعبد ذو الأعمدة الشهيرة فوق أكروبوليس فى أثينا) تم تصميمه حول هذه النسبة. للأسف لا يوجد أي أدلة أو وثائق تاريخية تفيد بأن مصممي هذا المعبد استخدموا النسبة الذهبية بأي شكل سواء من قريب أو من بعيد أو حتي عرفوا بوجوده أثناء تصميمه.
هناك مْن يقول أن النسبة الذهبية موجودة أيضًا في جسم الإنسان. فإذا قسمت عرض الكتفين على ارتفاع الرأس سوف تحصل على النسبة الذهبية، وكذلك إذا قسمت طول الجسم من الأرض على ارتفاع الجسم إلى السرة. لكن جسم الانسان يختلف من فرد الى آخر ومن مكان إلى أخر. مثلا، أجسام الصينيون أقل طولًا؛ وبهذا يختلفون فى نسب الجسم عن الأوروبيين.
السؤال الذي يجب أن تسأله لنفسك هو لماذا اختلقوا كل هذا؟! لم ننساق خلف كل ما يقال عنه " ذهبي أو اسطوري" دون أدني شك أو تفكير؟ هذا لأن العقل البشري يجري دائمًا وراء كل ما هو غامض، ويفضل أن يكون هناك قانونًا يسير عليه.
من هنا نستنتج أن النسبة الذهبية هي نسبة جمالية تستخدم في التصميمات المختلفة، لكنها ليست المقياس الجمالي الوحيد، كما أنها ليست نسبة مطلقة؛ لهذا يمكننا الاستغناء عنها إذا كانت غير مناسبة للتصميم.