يقوم النشاط التجاري على أساس تحقيق الأهداف المرجوة منه، مثل القيام بشيء مثمر لخدمة احتياجات الأشخاص، وبالتالي كسب لقمة العيش والتأثير على المجتمع. يتم تسجيل المعاملات والأنشطة التجارية بواسطة الأوراق والمستندات أو الأنظمة الإلكترونية، وينتج عن هذه التسجيلات البيانات. يمكن الاستفادة من جميع هذه البيانات في صالح الأعمال التجارية من خلال تحليلها باستخدام أدوات خاصة لتبادل المعلومات والرؤى، لتكون مؤسستك على علم وتستطيع اتخاذ قرارات أكثر حكمة حول كيفية القيام بهذه الأعمال. كل ردود الأفعال تساعد الأعمال التجارية أن تصبح أكثر كفاءةً وفاعليةً لتحقق هدفها النهائي.
نعيش اليوم في مجتمع قائم على التكنولوجيا، ومع تطور التكنولوجيا، تتطور مقدار البيانات التي يتم جمعها. تجمع الأعمال التجارية كمية هائلة من البيانات حول عملائها، ومبيعاتها، ومنتجاتها، وعملياتها، بل أكثر من ذلك. كل هذه البيانات تتحرك بسرعة كبيرة وتصبح أكبر حجمًا باستمرار، وفي بعض الأحيان تتجاوز القدرة على معالجتها والاستفادة منها للتطبيق التكنولوجي على النشاط التجاري. يمكنك تصور كل ذلك أثناء عمل الأعمال التجارية ضمن دورة بسيطة كما هو موضح في الشكل التالي:
إذًا يأتى السؤال الأهم، ما فائدة ذكاء الأعمال (BI)؟ تأتي تطبيقات وحلول ذكاء الأعمال لمساعدة الأعمال التجارية على الاستفادة من هذه البيانات لرفع نفوذها. حيث يحتاج أي عمل لمراقبة بيئات عمله، والمنافسين، وأصحاب المصلحة وخاصة العملاء، والصناعة من أجل تعديل الطريقة والخطط التي يعلمون بها. كل ذلك يتطلب مستوى جديد من التقارير(لوحات التحكم) لتقديم المعلومات المطلوبة لجميع مْن في المنظمة بطريقة تفاعلية وفي الوقت المثالي.
يعمل ذكاء الأعمال على رفع مستوى البرامج والتكنولوجيا لتحويل البيانات التي تأتي من مصادر مختلفة إلى معلومات ورؤى عملية يمكن من خلالها التأثير على قرارات المؤسسة الاستراتيجية والتكتيكية. ذكاء الأعمال عبارة عن مجموعة من حلول تكنولوجيا المعلومات، التي تتضمن أدوات لجمع المعلومات وتحليلها وإعداد التقارير حول أداء المنظمة وبيئاتها، وفي بعض الأحيان تكون هذه الأدوات مفيدة في التنبؤ بالمستقبل. ويُطلق على ذكاء الأعمال أيضًا التحليلات الوصفية؛ لأنها تصف حالة العمل السابقة أو الحالية، ببساطة لأنها لا تخبرك بما يجب عليك فعله، بل تخبرك بما حدث.
ومع ذلك، لا تخبرك أدوات ذكاء الأعمال بما سيحدث إذا اتخذت إجراءً معينًا أو اتخذت قرارات محددة، وهذا لا يعني أنها لا تقوم فقط إلا على إنتاج التقارير. بدلا من ذلك، توفر ذكاء الأعمال وسيلة لرجال الأعمال لدراسة البيانات من مصادر مختلفة لفهم الاتجاهات واستخراج الأفكار للقيام بوظائفهم بشكل أفضل.
على سبيل المثال، تحتاج الشركة التي تريد إدارة مخزونها بشكل أفضل إلى ذكاء الأعمال؛ لتحديد العناصر التى تباع أسرع، والعناصر موسمية البيع، وشرائح العملاء سريعة النمو، و تحدد المنتجات التي يتم بيعها معًا. أي نوع من الأشخاص يميلون إلى شراء منتج ما وأكثر من ذلك. كل هذه البيانات المجمعة والرؤى تساعد على تصميم خطط ترويجية أفضل، أو تعبئة وتغليف المنتجات بصورة أنسب، وتنظيم وتخطيط المتاجر.
الشركات التي ترغب في إدارة سلسلة الإمداد بشكل أفضل تحتاج إلى قدرات ذكاء الأعمال؛ لتحديد وفهم متى يحدث تأخير أو اكتشاف المنتجات الأكثر شيوعًا أو التأخيرات المرتبطة بطرق النقل. بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن حالات الاستخدام المحتملة لـ ذكاء الأعمال تمتد إلى ما هو أبعد من مقاييس أداء الأعمال للمبيعات المحسنة وانخفاض التكاليف، ويمتد تطبيقها إلى التعليم، والضيافة،.. إلخ.
في الماضي، كان المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات أو التقنيين هم المستخدمين الرئيسيين لتطبيقات ذكاء الأعمال؛ لخدمة احتياجات المنظمة من التقارير. ومع ذلك، تطورت أدوات ذكاء الأعمال لتصل إلى ما يسمى بأدوات ذكاء الأعمال ذات الخدمة الذاتية؛ لتصبح أكثر سهولة وسلاسة بالنسبة لمستخدمي الأعمال (للمستخدمين النهائيين)، وتُمكِن عدد كبير منهم عبر مجموعة من المجالات التنظيمية لاستخدام الأدوات.
كما ذكرنا سابقًا، تتطور أدوات ذكاء الأعمال بسرعة كبيرة ليس فقط، من أجل أفراد تكنولوجيا المعلومات ولكن أيضًا لمستخدمي الأعمال التجارية. وهناك نوعان من ذكاء الأعمال، الأول هو ذكاء الأعمال التقليدي أو الكلاسيكي، حيث يستخدمه محترفو تكنولوجيا المعلومات لتحويل البيانات داخليًا لإنشاء التقارير. أما النوع الثانى فهو الأحدث، وهو ذكاء الأعمال ذاتية الخدمة، حيث يتفاعل مستخدمو الأعمال مع أنظمة بديهية لتحليل البيانات بسهولة وسرعة.
يتعامل باحثي ذكاء الأعمال مع مطالب المنظمة لتوفير الإمكانات المتعددة، بواسطة كل من النوعين، الكلاسيكي والحديث. بالإضافة إلى الوصف والتنبؤ بإعادة هندسة المنتجات لتشمل وظائف متعددة.
ومع ذلك، لا تزال تكنولوجيا المعلومات تلعب دورًا حاسمًا في كل بيئة خاصة بذكاء الأعمال، ومدى نجاحها في العديد من المؤسسات. لقد مكنت تكنولوجيا المعلومات مستخدمي الأعمال من استخدام ذكاء الأعمال ذاتية الخدمة. ولا يزال يتعين على تكنولوجيا المعلومات أن تضع وتدير السياسات والحوكمة والبيانات وكيفية الوصول إليها، بالإضافة إلى مواصلة العمل مع المستخدمين لضمان تقديم المعلومات و الرؤى التي يحتاجون إليها.
ولكن بشكل عام، حسنت الشركات مرونتها من خلال زيادة استقلالية المستخدمين عن أقسام تكنولوجيا المعلومات، كما هو الحال مع أدوات ذكاء الأعمال ذات الخدمة الذاتية، يستطيع مستخدمو الأعمال تنفيذ عدد من التحليلات وإعداد التقارير دون الاعتماد على دعم فريق تكنولوجيا المعلومات.
تحتاج المنظمات إلى الفهم الدقيق للأحداث السابقة والحالية التي تستمر في التطور. ستواصل هذه المنظمات الاستثمار في حلول ذكاء الأعمال الخاصة بها، وستعتمد أكثر على التحليلات المتقدمة للتنبؤ بالمستقبل.
وفقا لتقريرGartner من المتوقع أن تصل الأرباح العالمية في سوق ذكاء الأعمال (BI) وسوق برامج التحليلات إلى 18.3 مليار دولار في عام 2017، بزيادة قدرها 7.3 بالمائة عن عام 2016، ووفقًا لآخر توقعات من شركة Gartner.
بحلول نهاية عام 2020، ومن المتوقع أن ينمو السوق إلى 22.8 مليار دولار. تستمر ذكاء الأعمال الحديثة والتحليلات في التوسع بسرعة أكبر ربما أكبر من السوق بأكمله، وهو ما يعوض انخفاض الإنفاق على ذكاء الأعمال الاستراتيجي.
في النهاية، اعتاد العديد من المديرين التنفيذيين على رؤية ذكاء الأعمال ككلمة رنانة، ولكن هذه الأيام تعتبر كعامل مساعد في كل قصة نجاح في معظم الأنشطة التجارية؛ لأنها تمكنهم من اتخاذ قرارات ذكية تعتمد على البيانات.